امة الله- Admin
- المساهمات : 241
تاريخ التسجيل : 06/05/2010
العمر : 32
من طرف امة الله الجمعة مايو 07, 2010 9:18 am
|
|
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فإن الجهاد في الإسلام له منزلة عالية، ومقام رفيع، وهو من أفضل الأعمال بعد الفرائض إن لم يكن أفضلها، وقد دل على ذلك النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، وفيما يلي نستعرض تلك المنزلة للجهاد وبعض ما يكتنفه من الأحكام على وجه الاختصار لأن حشر جميع ما قيل فيه مما يطول ولا تسعفه المجلدات فضلا عن هذه الأسطر القليلة: وقبل الدخول في الفضائل والأحكام يحسن التطرق للتعريف بكلمة "الجهاد"حتى يكون الكلام متوجها ومنصباً على هذه الكلمة الشرعية، لأنه كما قال غير واحد من العلماء:الحكم على الشيء فرع عن تصوره. فالجهاد لغة:مأخوذ من الجهد؛ وهو بذل الطاقة والوسع قدر الإمكان، قال اللغوي الحجة ابن فارس رحمه الله في معجم مقاييس اللغة (1 / 486): الجيم والهاء والدال، أصلُهُ المشقَّة، ثم يُحمَل عليه ما يقارِبُه.يقال:جَهَدْتُ نفسي وأجْهَدت والجُهْد الطَّاقَة. وفي اصطلاح الشرع:عرفه الحافظ ابن حجر رحمه الله فقال: "الجهاد شرعاً:بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفسّاق، فأما مجاهدة النفس فعلى تعلّم أمور الدين ثم على العمل بها ثم تعليمها، وأما مجاهدة الشيطان فعلى ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات، وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب، وأما مجاهدة الفسّاق فباليد ثم اللسان ثم القلب"فتح الباري (6/3). وبهذا التعريف يتبين أن قصر الجهاد على نوع واحد من أنواعه خلل في التعريف، فالتعريف الصحيح أنه يشمل جميع أنواع الجهاد ابتداء من جهاد النفس حتى جهاد الكفار. حكم الجهاد: الجهاد في أصله فرض كفاية على المسلمين، إذا قام به البعض -حينما يجب-سقط الإثم عن الباقين، والأصل في ذلك قوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )التوبة:١٢٢. قال الشيخ موفق الدين ابن قدامة رحمه الله:والجهاد فرض على الكفاية إذا قام به قوم سقط عن الباقين.ثم ذكر قول من قال بوجوبه فرد عليهم بقوله:ولنا قول الله تعالى: ( لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا )النساء:٩٥:وهذا يدل على أن القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم، وقال الله تعالى:(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )التوبة:١٢٢ ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا ويقيم هو وسائر أصحابه.المغني- (10 / 359) وقال أبو بكر الجصاص في كتابه الفصول في الأصول:وَمِنْ الْأَمْرِ مَا يَكُونُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ وَيَتَوَجَّهُ بِهِ الْخِطَابُ إلَى جَمَاعَتِهِمْ، نَحْوُ الْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَدَفْنِ الْمَوْتَى وَغُسْلِهِمْ، وَنَحْوُ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ )فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَالْجِهَادُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ لَازِمٌ لِإِظْهَارِ دِينِ اللَّهِ، وَلَوْ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ ذَلِكَ لَتَعَطَّلَ النَّاسُ عَنْ سَائِرِ أُمُورِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ ظُهُورُ أَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِمْ، فَدَلَّ (عَلَى)أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ بِهِ مُتَوَجِّهًا إلَى الْجَمِيعِ فَإِنَّ لُزُومَ فَرْضِهِ مَقْصُورٌ عَلَى وُقُوعِ الْكِفَايَةِ(بِهِ)مِنْ بَعْضِهِمْ، فَمَنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ نَابُوا عَنْ (النَّاسِ)الْبَاقِينَ، عَلَى هَذَا مَضَى السَّلَفُ وَسَائِرُ الْخَلْفِ مِنْ عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى يَوْمِنَا هَذَا. شروط وجوب الجهاد: ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى ما يجب به الجهاد على الفرد، ومتى تخلف شرط سقط الوجوب على المكلف، فتلك الشروط هي: (1)الإسلام:فلا يحل لكافر. (2) العقل:فلا يجب على المجنون. (3)البلوغ:فلا يجب على الصبي. (4) الذكورة:فلا يجب على المرأة. (5)القدرة على مؤونة الجهاد. (6) السلامة من الضرر، فلا يجب على العاجز غير المستطيع. (7) الحرية، فلا يجب على العبد. (المدين، فلا يجب إلا بعد الإذن من الدائن. (9)إذن الوالدين، فلا يجب إن لم يأذنا. متى يتعين الجهاد؟: ذكر العلماء أحوالاً يتعين فيها الجهاد على الفرد المسلم، ويحرم عليه عند ذلك ترك الجهاد والتخلف عنه، فمن تلك الأحوال: أحدها:إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)الأنفال:٤٥ وقوله: ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )الأنفال:٤٦ وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥)وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )الأنفال:١٥-١٦:
|